اللقاءات الصحفية

هل سيبقى تأثير «كورونا» لسنوات بعد التعافي؟

فيروسات كورونا، هي عائلة كبيرة من فيروسات الجهاز التنفسي، وتسبب بعضها أمراضاً أقل من غيرها، مثل نزلات البرد، وأمراض أخرى أشد مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي اكتشفت أول مرة في المملكة العربية السعودية في عام 2012، والمتلازمة التنفسية الحادة التي ظهرت في الصين عام 2003. ولكن تم اكتشاف نوع جديد من فيروسات «كورونا» بعد أن تم التعرف عليه كمسبب لانتشار أحد الأمراض التي بدأت في الصين في سنة 2019، ويسمى المرض الناتج عنه مرض فيروس كوفيد 19، والذي يعتبر الأخطر والأكثر فتكاً، وأطلقت عليه منظمة الصحة العالمية بالجائحة. والكثير ممن يصابون بكوفيد 19 تكون أعراضهم بسيطة الى متوسطة الحدة ويتعافون بشكل متفاوت. لكن هناك بعض الأشخاص قد يحتاجون الى دخول المستشفى وحتى غرف العناية المركزة. ولكن يبقى هناك أسئلة محيرة تتمثل في: هل عدم وجود أعراض سريرية بعد الإصابة بفيروس كورونا يعني السلامة الكاملة؟ أم أن هناك تأثيراً طويل الأمد على جهازنا التنفسي بعد سنوات من الإصابة. هذا ما أوضحه الدكتور فواز العنزي، بروفيسور م. أمراض القلب والباطنية في جامعة ديوك في الولايات المتحدة الأميركية وخبير فحوصات القلب لـ القبس من خلال توضيح تأثير فيروس كورونا طويل على الجهاز التنفسي والقلب باستخدام تقنية حديثة تسمى في فحص الرنين المغناطيسي بالزينون Xenon Magnetic Resonance Imaging، التصوير المغناطيسي بالزينون كان طور الأبحاث في مراكز طبية عدة، ولكن أدخله البروفيسور فواز العنزي لأول مرة في العالم في الطور الاكلينيكي للاستخدام البشري في الحياة العملية اليومية.


أشاد د. العنزي بقدرة فحص الرنين المغناطيسي بالزينون التركيز على أماكن محددة من الرئة «مثل الجزء الأمامي أو السفلي أو حتى العلوي من الرئة، كل على حدة». فهو الفحص الأول عالمياً الذي يستطيع تحديد أنواع ارتفاع ضغط الشريان الرئوي من دون الحاجة إلى عمل قسطرة قلبية.

وأكد العنزي أن سلامة الأشعة الطبية المستخدمة مثل الأشعة المقطعية على الصدر(Computer Tomography- CT) لا يعني سلامة كاملة للشخص. بل حتى عدم وجود أعراض سريرية قد لا يعني السلامة الكاملة. وبين أن تأثير فيروس كوفيد 19 على الرئة ليس فقط صعوبة في التنفس أو السعال، بل قد يؤدي إلى تشمع وتليف أجزاء محددة من الرئة عند بعض المصابين بالفيروس، خصوصاً في المنطقة الخلفية والسفلية من الرئة.

وقال: «لأن هذا التشمع أو التليف يحدث في أماكن محددة، فهنا تأتي أهمية فحص الرنين المغناطيسي بالزينون، حيث إن الفحوصات الأخرى لا تستطيع تحديد الخلل الوظيفي الموقعي للرئة، وأيضا لأن هذا التشمع يحدث في أجزاء معينة من الرئة فإن الأجزاء السليمة الأخرى تقوم بعمل مضاعف لتعويض هذا النقص، لذلك الفحوصات التي تعتمد على الفحص العام والنتيجة العامة (وليس الموضعية) للرئة قد لا تتمكن من ملاحظة التغيرات».

ويفسر د. العنزي هذا الأمر بأن الأجزاء السليمة من الرئة تقوم بعمل إضافي لتعوض النقص في الأجزاء المصابة بالتليف فتكون النتيجة النهائية للفحص طبيعية. أما فحص الرنين المغناطيسي بالزينون فيستطيع الكشف عن وظيفة الأماكن المتضررة من الرئة بشكل مباشر ومحدد. وقال: «قد لا تظهر أعراض سريرية لهذا التشمع أو التليف في البداية، ولكن بعد مرور سنوات وعند فقدان الرئة لجزء من وظائفها نتيجة لكبر السن فهنا قد تظهر بعض الاعراض بشكل ضيق التنفس ونقص الأوكسجين. مازلنا نجهل الكثير عن التأثير طويل الأمد لفيروس كورونا على جسم الانسان بشكل عام وعلى الجهاز التنفسي والرئة بشكل خاص، فقد يكون الأمر له تبعات أكثر من ارتفاع في الحرارة أو نقص الأكسيجين فقط».

فقدان جزء من وظائف الرئة

ويؤكد البروفيسور العنزي أن دراسة قائم عليها بتمويل من جامعة دويك الاميركية لمتابعة المرضى الذين أصيبوا بفيروس كورونا ولم تظهر عليهم أعراض، والتي تهدف إلى التأكد من حالتهم الطبية والكشف عن ما اذا ما كانوا يعتبرون معافين فعلا وهل الأعراض وحدها تكفي للحكم على الشفاء الكامل؟ من خلال ما سيكشفه فحص الرنين المغناطيسي بالزينون. وذكر أن النتائج الأولية تشير الى أن هناك أشخاصاً من الذين أصيبوا بفيروس كورونا سيعانون من التليف الرئوي وفقدان جزء من وظائف الرئة على مر السنين.

أما عن الحلول فقال العنزي: «لم يتوصل العلم الى يومنا هذا الى علاج جذري لتشمع وتليف الرئة وعادة ما يكون العلاج الجذري لتليف الرئة هو عملية نقل وزراعة الرئة للحالات المتأخرة. وقد يكون أخذ اللقاح هو الحل الأهم والأمثل حالياً، ولكن لا يوجد شك أن الحفاظ على وزن الجسم المثالي والاهتمام بمعدلات سكر الدم وضغط الدم قد تخفف من المخاطر العامة والمضاعفات».

التوقف عن التدخين

وشدد العنزي على ضرورة التوقف عن التدخين لإعطاء الجهاز التنفسي والرئة الفرصة لمقاومة هذا التليف. بالاضافة إلى ضرورة الوقاية من تكرار الإصابة بالفيروس عن طريق أخذ اللقاح حسب اللوائح المحددة لتفادي بعض مخاطر هذه الجائحة. وكذلك الحرص على عمل الفحوصات اللازمة واستشارة الطبيب وعدم التأخر عند الشعور في ضيق التنفس أو السعال غير المبرر.

5 نصائح بعد التعافي بشكل دائم:

1- الحرص على عدم التعرض للإصابة مرة أخرى باتباع الإجراءات الاحترازية وأخذ اللقاح.

2- التغذية الصحية والسليمة.

3- ممارسة الرياضة.

4- التوقف عن التدخين تماماً.

5- البعد عن مسببات التوتر والقلق.

6- ضبط الأمراض المزمنة والمتابعة الدورية.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى